“الأنف الكبير”، بات يشكل قلقاً لدى الرجال العراقيين، بعد أن كان “بصمة عراقية”، لاسيما وأنه يعتبر امتداداً للسومريين، سكان العراق الأوائل، إلا أن هذا الإرث السومري على وجوه العراقيين، لم يستمر، إذ أصبح التوجه نحو عمليات التجميل هو السمة البارزة للرجال، بعد أن كانت مقتصرة على النساء، بل حتى أصبح الرجال يشترون مواد التجميل أكثر من النساء، بحسب ما أكد أصحاب محال وأطباء في محافظة كركوك.

ويقف غيث محمد، أمام مركز تجميل في شارع الأطباء، وسط محافظة كركوك، لغرض إجراء عملية جراحية تجميلية لأنفه ووجهه، حتى يظهر بصورة مغايرة عن الآخرين.

ويقول محمد إن “الشباب العراقيين يتهافتون على مركز التجميل لإجراء عمليات التجميل وتغيير ملامح الوجه، للظهور بصورة جميلة، وهناك إقبال من قبل الشباب على هذه العمليات، وخاصة تصغير الأنف”.

ويشير إلى أن “سعر عملية تجميل الأنف أو الشفة يتراوح بين 400 – 700 دولار، وهذه الأسعار هي جيدة بالمقارنة مع دول الجوار التي تصل عملية التجميل فيها لنحو 1000 دولار، وخاصة في تركيا ودول أخرى”.

ويتابع أن “التجميل لا يقتصر على عمليات الأنف والوجه، بل يتعداه إلى شراء مواد التجميل وإكسسورات، أشبه بالنساء، اللاتي يستخدمن أحمر الشفاه ومواد الزينة الأخرى، فهناك شباب يفوقون الشابات في استخدام مواد التجميل وشرائها”.

وأعلنت نقابة أطباء الأسنان في العراق، في 31 كانون الأول/ ديسمبر 2024، عن قرار قضائي يسمح لأطباء الأسنان بممارسة عمليات التجميل اللاجراحي، وأكدت أن محكمة القضاء الإداري أصدرت قرارها بإلغاء إعمام وزارة الصحة الذي منع أطباء الأسنان كافة من ممارسة التجميل اللاجراحي ضمن تخصصهم.

وكانت المحكمة الإدارية العليا، أصدرت سابقاً، قراراً يقضي بإلغاء الأمر الولائي الذي تقدمت به نقابة أطباء الأسنان، والذي طالبت فيه بالسماح لأطباء الأسنان بممارسة حقن “الفيلر والبوتكس والميزوثرابي” أو المواد الأخرى المستخدمة في مجال التجميل.

وكانت وزارة الصحة العراقية قررت، في 6 أيار/ مايو 2024 منع أطباء الأسنان، من حقن “الميزو، والفيلر، والبوتكس” وغيرها في مراكز التجميل كافة.

الرجال أكثر شراء لمواد التجميل

ويقول أحد باعة مواد التجميل، ويدعى جنكيز فلاح أن “هناك إقبالا كبيرا من قبل الشباب على شراء مواد التجميل، حتى باتوا يشترون هذه المواد أكثر من النساء”.

ويوضح أن “الأسعار تختلف بالنسبة للمواد التي يحب الشباب شرائها، ولكن الأكثر تداولاً هي الباودر والمراهم الخاصة بتحسين البشرة”.

ويضيف فلاح أن “الشباب يشترون المواد بكثرة لغرض استخدامها في تجميل الوجه، وهذه الزيادة بلغت أكثر من 40% خلال العامين الأخيرين، حيث لدينا توثيق شبه سنوي بمن يتبضع من المتجر من الذكور والإناث”.

أنف الرجل الأكثر تجميلاً

من جانبه، يبين المختص في مجال التجميل الجراحي، أيوب عاصم أنه “خلال السنوات الماضية ارتفع معدل عمليات التجميل بين الشباب وخاصة الأعمار ما دون الـ30، حيث تتصدر عملية تصغير الأنف وكذلك تغيير في ملامح الشفاه نوعية العمليات، وهي أمور كانت في الغالب للنساء، ولكن الرجال زادوا على النساء في عمليات التجميل الجراحي”.

ويؤكد أن “معدل تكلفة العملية الجراحية يتراوح بين 300 دولار وصولاً إلى 800 دولار، وتختلف العملية التجميلية للأنف عن تصغيره، فالفرق يكون من حيث التدخل الجراحي بقص وتصغير الأنف أو فقط إجراء التجميل عليه من مناطق محددة، برفع جزء منه وإجراء الشد للجلد، وهذا يختلف حسب طلب الشخص الذي يجري العملية”.

إرث سومري

إلى ذلك، يؤكد الباحث التاريخي علي حمدون أن “أصل العراقيين يعود إلى الحضارة السومرية، لكونهم يعدّون من سكان العراق الأصليين، إذ امتازوا بلون بشرتهم السمراء وأنوفهم الكبيرة، وفي بعض الأحيان يكون الأنف معقوفاً أو مائلاً عند نهايته”.

ويتابع أن “الأنوف الكبيرة كانت أبرز ما يتميز به العراقي في السابق، لكننا نلاحظ في الآونة الأخيرة اندثار هذه الميزة بسبب كثرة إقبال النساء وحتى الرجال على عمليات تجميل الأنف، فأصبح جلّ اهتمامهم ينصب على الجمال الخارجي الظاهري”.

ويشير إلى أن “الأدلة التاريخية تشير إلى أن السومريين كانوا يتميزون بأنوفهم الكبيرة، وهذا ينعكس على العراقيين بنسبة كبيرة حيث تجد الأنف كبير لدى الرجال والنساء، فهو إرث من أجداهم السومريين الذين يعتبرون سكان العراق الأوائل”.

Leave a Comment