موصل تايم
أصدرت صحيفة “ذا ناشيونال”، الانكليزية، يوم الثلاثاء، تقريراً مفصلاً عن اجراءات العراق وعمل المنظمات الدولية وصعوبة مهام بغداد المقبلة بالتزامن مع بدء عمليات انتشال رفات الضحايا الذين سقطوا على يد تنظيم “داعش”، في حفرة “الخسفة” قرب مدينة الموصل.
وذكرت الصحيفة في تقرير ، أن “قبل سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل في العام 2014، كان عمق الخسفة الواقعة إلى الجنوب من المدينة، يقدر بنحو 400 متر، إلا أنها حالياً أقل عمقاً بكثير بسبب رمي ما لا يقل عن 4 الآف جثة فيها، طوال الأعوام الـ 3 التي حكم فيها التنظيم المدينة”.
وأشار التقرير، إلى أن “الخسفة” قد تحمل اجابات لهؤلاء الذين خسروا احبتهم أو فقدوهم، مبيناً أن فرق البحث الطبية بدأت يوم الأحد الماضي، وتحت إشراف مسؤولين قضائيين، عملية دقيقة لاستخراج الجثث من الحفرة.
وأضاف أن “مهمة توثيق جرائم داعش وملاحقتها قضائياً، تشكل تحدياً هائلاً أمام العراق”، موضحاً أنه “حتى يومنا هذا، ما من أحد يعرف عدد القتلى الذين سقطوا على ايدي داعش”.
ومع ذلك، لفت التقرير، إلى أن “الطريق نحو تحقيق العدالة، أصبح أكثر صعوبة بعدما قررت السلطات العراقية ان تخوضه وحدها”، مذكراً بانه قبل 11 شهراً توقف فريق خبراء الامم المتحدة المكلّف بالتحقيق في جرائم “داعش”، عن العمل في العراق، بعدما طلبت بغداد من مجلس الأمن إنهاء تفويضه.
وأوضح أن فريق “يونيتاد” عندما جرى تأسيسه في العام 2017، كان بمثابة مشروع ثوري فيما يتعلق بالعدالة الدولية، إلا أن الأشهر الأخيرة للفريق تخللها تبادل للاتهامات بين موظفيه وبين الحكومة العراقية التي كثيراً ما اتهمت الفريق الأممي بحجب أدلة عن السلطات، فيما كان موظفو “يونيتاد” يردون بالقول إن “نظام العدالة العراقي يعاني من شوائب، وان اعتماده على عقوبة الاعدام، يعرقل التعاون”.
وتابع التقرير، قائلاً إن “الحقيقة مثلما هو الوضع غالباً، تقع في مكان ما بين الطرفين”، موضحاً أن المنتقدين يعتبرون ان تفويض “يونيتاد”، يتسم بالعيوب منذ البداية، حيث أن البيروقراطية القضائية وثقافة الأحكام السريعة، لم يكن اخضاعها لإصلاح جوهري.
وأضاف أن حماسة “يونيتاد” نفسها وشفافيتها، تراجعت أيضاً خلال سنتها الأخيرة، لدرجة أن موظفيها لم يحضروا جلسة يونيو/حزيران 2024 في الامم المتحدة لتجديد ولاية “يونيتاد”، كما أن منظمات المجتمع المدني انتقدت “يونيتاد” لأنها لم تترك خلفها خريطة طريق تضمن الاستفادة من الادلة التي جرى جمعها، مشيراً إلى أنه مع حلول إنهاء مهمة “يونيتاد” لم تكن قد جمعت ادلة سوى ما يتعلق بإجراء 15 محاكمة ناجحة فقط، معظمها في أوروبا، بينما بقيت آمال العراقيين والسوريين وغيرهم من ضحايا “داعش”، بتحقيق العدالة، معلقة.
ورأى أن تمسك العراق بإنهاء مهمة “يونيتاد” كان على الأرجح يتخطى الخلافات القانونية، حيث أن العراق يسعى إلى الحد من إشراف الأمم المتحدة على شؤونه الداخلية، بما في ذلك إنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي” بحلول نهاية العام 2025، في إطار محاولة أوسع من جانب العراق لإعادة تأكيد سيادته.
إلا أن التقرير اعتبر أن الفظائع التي ارتكبها “داعش”، لا تمثل مسألة محليا بحتة، مضيفاً أن “داعش”، ارتكب سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وهي انتهاكات اكدت القوانين الدولية أنها من الفظاعة لدرجة أنه لا يمكن أن يتم تركها لدولة واحدة لتلاحقها قضائياً.
ولفت التقرير، أيضاً إلى أن هذه النظرة ظهرت خلال عملية إدانة أحد عناصر “داعش”، في محكمة برتغالية العام الماضي بارتكاب جرائم حرب في العراق، موضحاً أن المحكمة استندت على مبدأ الولاية القضائية العالمية.
كما تحدث بالقول إنه “رغم حصول المدعين على المساعدة من قاض عراقي في مدينة الموصل، فانه كان من الصعب تصور أن تتحقق محاكمة كهذه بمستوى الشفافية والدقة نفسها داخل محكمة عراقية مسيسة اليوم”، مشيراً إلى أن “الخبراء يؤكدون أن الآف المحاكمات المرتبطة بداعش في العراق، حيث هناك انتقادات بانه جرى تجاهل حقوق المتهمين الاساسية، تؤكد هذه المخاوف”.
وختم التقرير، قائلاً إنه “في حال كان هدف العراق التأكيد على أن سيادته كافية لتحقيق العدالة لضحايا داعش، فان مؤسساته مطالبة بان ترتقي الى مستوى هذه المهمة من خلال اصلاحات جوهرية في أسلوب المحاكمات وآليات اصدار الإحكام، وإلا فان الادلة مهددة بان تلقى من حفرة إلى أخرى”.