موصل تايم
حدّد معهد الحرب المعاصرة الأمريكي دروسًا عملية يمكن للجيش الأمريكي وقوات أخرى الاستفادة منها من تجربة الحرب العراقية الإيرانية، مبينًا أن 3 عوامل محورية هي التي شكلت طريقة حشد كل جانب وجوانب سير القتال: الديناميكيات السياسية الداخلية، التحالفات الخارجية، وتمويل الحرب.
وذكر المعهد في تقرير تابعته “موصل تايم “، أن “الحرب، التي انطلقت بعد إلغاء اتفاقية الجزائر (1975) واعتداءات إيران على العراق في تشرين الثاني /سبتمبر 1980، تحولت إلى نزاع واسع أودى بحياة نحو نصف مليون شخص وألحق أضرارًا جسيمة بالبنى المدنية في البلدين”.
وأشار إلى “معطيات القوة بحلول 1987، حيث كان العراق قد نشر نحو 800 ألف جندي، وما يزيد على 4 آلاف و500 دبابة، وأكثر من 500 طائرة، في مقابل تعبئة إيرانية قوامها نحو 850 ألف جندي وحوالي ألف دبابة وعشرات المقاتلات”.
وسلط التقرير الضوء على “هجوم العراق في 1988 واستعادة شبه جزيرة الفاو بقوة هجومية قوامها نحو 100 ألف مقاتل ومدرعات ثقيلة، وهو ما مهّد لقبول طهران وقف إطلاق النار بموجب القرار الأممي 598”.
وعرض المعهد: “كيف شكلت العناصر الـ 3 السياسة الداخلية والتحالفات والتمويل نماذج تعبئة مختلفة: بغداد اعتمدت على ائتلافات خارجية وائتمان خليجي وسوفيتي مكّنها من شراء معدات متقدمة والتركيز على جودة القوة والتصعيد العمودي، بينما راكمت طهران قوة قائمة على التعبئة الداخلية (الحرس الثوري والباسيج) والتمويل النقدي من صادرات النفط، فأنتجت نموذجًا يرتكز على الكمية والتصعيد الأفقي”.
ووثّق التقرير: “تأثير التمويل الخارجي على ميزان القوى: العراق تلقى ائتمانات وخدمات تمويلية بنحو 110 مليارات دولار من دول خليجية والاتحاد السوفيتي، ما مكّنه من اقتناء دبابات تي 72 وطائرات ميغ وسوخوي ومروحيّات وذخائر وصيانة وتدريب، بالمقابل اعتمدت إيران على عوائد نفطية متزايدة وعمليات شراء انتقائية من مصادر محدودة، مع لجوء خفي لقطع غيار غربية في مناسبات (قضايا مثل إيران كونترا)”.
وتناول التقرير التكتيكات الميدانية: “العراقٌ اعتمد لأوقات طويلة وضعًا دفاعيًا محكمًا مزوّدًا بأحزمة ألغام ومدافع موجهة وطائرات هجين وكيميائي، بينما وظّفت إيران أعدادًا كبيرة من المتطوعين (الباسيج) لاختراق العقبات وفتح ثغرات لاستغلالها من قبل تشكيلات الحرس والجيش، العملية العراقية الكبرى عام 1988 (توكلنا) أعادت الفاو خلال 36 ساعة، وقلبت موازين القوى”.
ولفت إلى “الانعكاسات السياسية لما بعد الحرب: ديون ضخمة تكبّدتها بغداد (نحو 37 مليار دولار لدول الخليج، بينها 14 مليارًا لكويت) أسهمت في قرار صدام غزو الكويت عام 1990، في حين استثمرت إيران تجربة الحرب في بناء قدرات صاروخية وطائرات مسيّرة وشبكات نفوذ إقليمية”.
خلاصة المعهد أن “تجربة إيران العراق تبيّن بوضوح أن “الشرعية الداخلية، شراكـات الدعم الخارجي، وموارد التمويل هي عوامل حاسمة في تشكيل سلوك الدول أثناء الحرب وبعدها في التعبئة، في خيارات التصعيد (عمودي مقابل أفقي)، وفي قدرة الطرفين على تحمل تكلفة الصراع”.
ويخلص التقرير إلى أن “هذه الدروس ليست تاريخية فحسب، بل لها صلة مباشرة بصياغة فهم للصراعات الحالية والمستقبلية، من الحرب الروسية الأوكرانية إلى سيناريوهات ممتدة في أوروبا أو المحيطين الهندي والهادئ، ويُوصي بإدراجها في التعليم والتخطيط العسكري لصياغة فروض عمل ونقاط قرار أفضل”.