موصل تايم
مع اقتراب عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد، تتجه الأنظار إلى الشخصية التي ستتولى رئاسة الجلسة بصفة “رئيس السن”، وهو المنصب الإجرائي الذي يحدد اللحظة الفاصلة بين انتهاء العملية الانتخابية وبدء الدورة التشريعية رسميًا. وفي هذا السياق، قدّم الخبير القانوني المستشار سالم حواس قراءة تفصيلية لما يمثله هذا الموقع، وما يكشفه من ثغرات دستورية مزمنة عطّلت جانبًا مهمًا من هيكل السلطة التشريعية في العراق.
رئيس السن.. صلاحيات محددة ودور مؤقت
يقول حواس إن الجلسة الأولى تُعد المنطلق الدستوري للدورة البرلمانية الجديدة، ورئيس السن فيها ليس منصبًا انتخابيًا ولا سياسيًا، بل إجراء بروتوكولي مؤقت يستند إلى معيار واحد: الأكبر سنًا بين الفائزين.
ويؤكد أن مهامه محصورة بأربع نقاط فقط:
-افتتاح الجلسة ودعوة الأعضاء لأداء اليمين الدستورية.
-إدارة عملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه.
-إعلان النتائج فور اكتمال التصويت.
-تسليم رئاسة الجلسة للرئيس المنتخب مباشرة.
ولا يملك رئيس السن أي صلاحيات تشريعية أو رقابية، وتنتهي مهمته بمجرد استكمال انتخاب هيئة رئاسة البرلمان.
ويضيف حواس أن اختيار رئيس السن يتم تلقائيًا فور تصديق المحكمة الاتحادية على أسماء النواب، واعتماد تاريخ الميلاد الرسمي دون أي تدخل سياسي، الأمر الذي يمنع الجدل والتأويل.
التوقيتات الدستورية.. 155 يومًا لا يجوز تجاوزها
يحذّر حواس من أن تجاوز المدد الدستورية بعد إعلان النتائج يمثّل خرقًا واضحًا يعرّض المسار الديمقراطي للخطر. ويكشف أن الحد الأقصى المسموح به دستوريًا وقانونيًا هو 155 يومًا فقط، موزعة على:
-20 يومًا للاعتراضات وفق المادة 20 من قانون المفوضية.
-135 يومًا للإجراءات الدستورية اللاحقة: الجلسة الأولى، انتخاب رئيس البرلمان، انتخاب رئيس الجمهورية، وتكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة (استنادًا للمواد 54، 55، 70، 76 من الدستور).
ويؤكد أن أي تمديد خارج هذه الفترة هو مخالفة صريحة للدستور ويهدد شرعية العملية السياسية.
الخلل الأكبر.. غياب مجلس الاتحاد منذ 2005
وفي محور آخر، يشدد حواس على أن العراق يعاني فراغًا تشريعيًا خطيرًا يتمثل في عدم إنشاء مجلس الاتحاد المنصوص عليه في المادة 65 من الدستور، ليكون ممثلاً للأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم.
ويصف غياب هذا المجلس بأنه:
-أحد أكبر الخروقات الدستورية المستمرة منذ إقرار الدستور.
-سبب مباشر لاختلال التوازن التشريعي وعدم تمثيل المحافظات في قرارات الدولة العليا.
-نتيجة لاحتكار مجلس النواب والكتل السياسية عملية التشريع دون إشراك مكونات البلاد المحلية.
ويبين أن الدستور رسم السلطة التشريعية كـ”ثنائية” بين مجلس النواب ومجلس الاتحاد، تمامًا مثل ثنائية السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. ومع ذلك، لم تُخصَّص حتى الآن أي بناية أو إطار عمل لهذا المجلس، رغم مرور خمس دورات برلمانية.
دعوة لفرض الانضباط النيابي
ويطالب حواس هيئة رئاسة البرلمان الجديدة بتطبيق النصوص الدستورية بشكل صارم، وخاصة ما يتعلق بمهام أعضاء مجلس النواب الواردة في المادة 61، والتي حصرت وظائف النائب في:
-تشريع القوانين الاتحادية.
-الرقابة على أداء السلطة التنفيذية.
ويشدّد على أن دور النائب يجب أن يمارس داخل قبة البرلمان، لا عبر الفضائيات أو وسائل التواصل الاجتماعي، محذرًا من أن الخطابات الشعبوية والطائفية تقوّض السلم المجتمعي وتبتعد عن روح الدستور.
وفي ختام مداخلته، يؤكد المستشار سالم حواس أن الالتزام بالتوقيتات الدستورية واحترام الفصل بين السلطات هو الشرط الوحيد لضمان انتقال سياسي سلس. ويضيف أن أي تأخير أو تجاوز سيؤدي إلى ارتباك سياسي ودستوري عميق، في وقت يحتاج فيه العراق إلى استقرار مؤسسي سريع لتفادي الفراغ السياسي.
