موصل تايم

تتزايد وتيرة الهجمات على حقل كورمور الغازي في السليمانية بشكل لافت، بعد أن سجل الحقل الهجوم رقم 13 خلال الساعات الماضية، ما أعاد طرح سؤال كبير: لماذا يتحول هذا الحقل تحديداً إلى أبرز أهداف الضربات الجوية بالطائرات المسيّرة؟

المعطيات الميدانية والاقتصادية تكشف أن الأمر لا يرتبط فقط بإيقاف لحظي للإنتاج، بل بمحاولة تعطيل منشأة تُعدّ بين أهم ركائز الطاقة في العراق.

الخبير الاقتصادي دريد عبد الله يؤكد أن الهجوم الأخير لم يكن مثل السابق، موضحاً أن “الاستهداف وقع على الجزء الجنوبي الغربي من الحقل، وهي المنطقة التي تضم منشآت المعالجة والخزن الخاصة بالغاز السائل والمكثفات، ما يجعل الضربة ذات أثر مباشر على إنتاج الحقل بالكامل وليس على بئر منفرد”.

وبحسب عبد الله، يضم الحقل 13 بئراً غازياً موزعة على ثلاث مناطق تشغيل (شمال – وسط – جنوب).

وكل بئر يحتوي على خزانين للوقود (ديزل) بسعة 100 ألف لتر لكل خزان، تُستخدم لعمليات التشغيل والضخ والتوليد.

وفي الهجوم السابق على أحد الآبار، أدى استهداف أحد هذه الخزانات إلى انفجار كبير أثناء محاولة إخماد الحريق، ما أسفر عن 4 قتلى و8 جرحى.

الأرقام الرسمية من التشغيل توضح حجم الخسارة لحظة توقف الحقل، إذ ينتج كورمور سنوياً:

-5.5 مليار متر مكعب من الغاز الجاف

-390 ألف طن من الغاز السائل (غاز الطبخ)

-5.84 مليون برميل من المكثفات

هذه المواد تشكل العمود الفقري لتغذية محطات الكهرباء في إقليم كردستان، وعند توقف الحقل في أي هجوم، يخسر الإقليم بين 65% إلى 70% من إنتاجه الكهربائي.

الاحتياطي الرسمي لحقل كورمور يبلغ 200 مليار متر مكعب، والقابل للاستخراج منه يصل إلى 125 مليار متر مكعب.
ووفق الخبير دريد عبد الله، فإن “ما تبقى من الاحتياط القابل للاستخراج يُقدّر بـ 83% تقريباً، وهو رقم ضخم يعادل ضعف احتياطي حقل عكاز في الأنبار”.

تشير التقييمات الاقتصادية إلى أن ضرب كورمور لا يستهدف الإقليم وحده، بل يضغط على:

-إنتاج الطاقة

-إمدادات الغاز

-عوائد الشركات المشغّلة

-الاستقرار السياسي بين بغداد وأربيل

وتؤكد مصادر أمنية أن “نوعية الأسلحة، ودقة التوقيت، وطبيعة الإصابات” توحي بأن الاستهدافات ليست عشوائية، بل تستهدف مواقع حرجة يُمكن أن تسبب خسارة كبيرة بتكلفة صغيرة.

الهجوم رقم 13 ليس مجرد رقم جديد في سلسلة عمليات الاستهداف، بل يمثل تحوّلاً في طبيعة الضربة ونوع الهدف، ما يجعل كورمور أمام مرحلة أكثر خطورة.
فالحقل، بأرقامه وإنتاجه واحتياطه الضخم، لم يعد منشأة اقتصادية فحسب، بل أداة ضغط سياسي وأمني داخل معادلة العراق الطاقية.

وإلى حين صدور نتائج تحقيقات موثوقة، سيظل ملف الهجمات على منشآت الطاقة في الإقليم واحداً من أكثر الملفات غموضاً وتأثيراً على المشهد العراقي بأكمله.

Leave a Comment