رغم خلو الشارع من المارة لكنه يمشي بخطوات مثقلة في شارع حلب وسط الموصل ، شارد الفكر أنظاره تصبوا فقط على ما تبقى من اطلال سينما الحمراء ولا يشعر بمن حوله حتى وان مروا ،

” لازلت اذكر ذلك الفيلم الهندي الذي عرض في السينما يحمل اسم (وعد) بطولة النجم الهندي اميتهاب باتشان حين عرض بهذه السينما في بداية ثمانينات القرن الماضي “يقول الستيني (ابو محمد)

بصوت مبحوح خنقه اشتياق الذكريات يضيف ابو محمد ” كنا شبابا ننطلق بالعيد منذ الصباح من هذا المكان والذي قبله هو سينما النصر لندخل الى افلام العيد ، لكن للاسف لم يبقى من السينما في الموصل الا الاطلال ومنها من تحول الى محلات “

وكانت الموصل تزدهر بدور العرض السينمائي ، حيث كانت تضم المدينة حوالي 11 دار عرض سينمائي. لكن مع مرور الوقت، شهدت هذه السينمات تراجعًا حادًا، حتى أنها اندثرت بالكامل. اليوم، تحولت مواقع هذه السينمات الى محال تجارية ومطاعم وبنايات مهجورة.

بعد 2003 ورغم المحاولات المتعددة لإعادة الحياة إلى السينما في الموصل، فإن جميع هذه المحاولات لم تتوج بالنجاح.

“هذا الواقع القاسي يترك طعمًا مرًا في فم الكثيرين، خاصة أولئك الذين يتذكرون الأيام الجميلة عندما كانت السينما جزءًا حيويًا من الحياة الثقافية في المدينة” يقول سعد ناطق 53 عاماً وهو يمر من شارع الجمهورية وسط الموصل ويقف امام محلات تجارية تبنى حديثاً
يضيف ناطق “هذه المحلات كات ذات يوم سينما الخيام واطلس حيث كانتا متجاورتين ونرتادها خصوصاً في ايام العيد ،لكن الوضع لم يعد كذلك ، فهذا الشارع الذي كان مزدحماً في ثمانينات القرن الماضي هجره رواده واصبح مكاناً خالياً في ايام العيد ولم تبقى منه الا ذكريات الزمن الجميل “

يختم ناطق حديثه عن السينما ودمعته تقف عند طارف عينه ويقول “اذا اردت ان تهدم البشر فاهدم الحجر قبله ، ومن هذا المنطلق هدموا ذكرياتنا الجميلة”

أصبحت الأماكن التي كانت فيها السينمات في الموصل شبه مهجورة، خاصة خلال الأعياد. هذا يتناقض تمامًا مع الثمانينات من القرن الماضي، والسبعينات عندما كانت هذه المواقع تزدحم منذ الصباح حتى الليل في ايام العيد

السينمات القديمة في الموصل تشكل ذاكرة خاصة للموصليين، خاصة الذين ولدوا في الخمسينيات وما بعدها. يتذكرون هؤلاء الأيام الجميلة عندما كانت السينما منبراً للتعبير والابداع.

اليوم، عندما يزور الناس مواقع السينمات القديمة، يغمرهم الحنين لأيام مضت. تلك الأيام التي كانت السينما جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، والتي باتت الآن مجرد ذكريات جميلة مهجورة. هذا التغيير الجذري في الثقافة السينمائية في الموصل يعكس التحولات العميقة التي شهدتها المدينة على مر السنين.

رواد السينما في الموصل اكتفوا بانشاء صفحة على فيسبوك اطلقوا عليها (سينمات الموصل صور وذكريات) حيث يتناقل اعضاء الكروب صوراً شخصية لهم تعود للقرن الماضي كانت قد التقطت امام دور العرض السينمائي

ويطرح الاعضاء صوراً وبوسترات لافلام قديمة يطلبون مشاركة اخرين من ابناء جيلهم عن مكان عرض الفيلم وباي سينما في وقتها ويلقى الموضوع تفاعلاً لانه يدغدغ شريط ذكرياتهم ،فيما يقوم اخرون بنشر تلك الافلام كاملاً على صفحة الفيسبوك وخصوصاً تلك التي كانت تعرض في فترات الاعياد

وعن الحنين للماضي والتمسك بالذكريات القديمة يقول استاذ علم النفس في جامعة الموصل احمد مؤيد ان ” الحنين للماضي هو شيء طبيعي وجزء من البشرية. هو نوع من رد الفعل العاطفي الذي قد يشعر به الأشخاص الذين يشعرون بالفقدان أو العزلة أو الشعور بالغربة”

ويضيف مؤيد “عند الأشخاص الأكبر سناً، يمكن أن يكون الحنين للماضي رد فعل طبيعي على التغيرات في الحياة، مثل التقاعد أو فقدان الأحباء. قد يتذكرون الأماكن والأوقات التي كانوا يشعرون فيها بالراحة والأمان، مثل مشاهدة الأفلام في السينما، وهذا الشيء يمكن أن يكون مفيداً في بعض الأحيان، حيث يمكن أن يساعد الناس على التعامل مع التغيرات والتحديات في حياتهم الحالية”

وختم مؤيد تحليله بالقول “لا ينبغي أن يكون الحنين للماضي مصدراً للألم، بل يجب أن يكون وسيلة للاسترجاع والتقدير للذكريات الجميلة”

ويأمل اهالي الموصل اعادة انشاء السينمات في الموصل بطرقها الحديثة لتتمكن هذه الحركة الثقافية من اعادة انشطتها ومواكبة الافلام الحديثة

12 أبريل، 2024

Leave a Comment